wadifa-orient
Je Cherche Un Travail à L'Oriental-Maroc
‪#‎kan9lab3laKhdma‬
‫#‏كنقلب_على_خدمة_في_الجهة_الشرقية_المغرب‬
J.C.U.T.O.M
**********************
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله تعالى أن يعيد هذا الشهر
على أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم
بالخير واليمن والبركات وأن يردها إلى دينها
مرداً جميلاً وان ينصرها على من عاداها
أحبتي الكرام أقول لكم
مع خالص ودي وتقديري

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,نحن لا نجبرك على التسجيل ولن نجبرك على الرد
ولكن انضمامك لاسرة الموقع ، و الرد بكلمة شكر منك سوف يشجع العضو على المزيد من البحث عن كل ما يتعلق بالتوظيف و فرص العمل
wadifa-orient
Je Cherche Un Travail à L'Oriental-Maroc
‪#‎kan9lab3laKhdma‬
‫#‏كنقلب_على_خدمة_في_الجهة_الشرقية_المغرب‬
J.C.U.T.O.M
**********************
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله تعالى أن يعيد هذا الشهر
على أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم
بالخير واليمن والبركات وأن يردها إلى دينها
مرداً جميلاً وان ينصرها على من عاداها
أحبتي الكرام أقول لكم
مع خالص ودي وتقديري

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم,نحن لا نجبرك على التسجيل ولن نجبرك على الرد
ولكن انضمامك لاسرة الموقع ، و الرد بكلمة شكر منك سوف يشجع العضو على المزيد من البحث عن كل ما يتعلق بالتوظيف و فرص العمل
wadifa-orient
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

wadifa-orient

نشر جديد وظائف القطاع العمومي والقطاع الخاص ، المباريات والامتحانات لولوج الوظيفة بالمغرب ، خلق عملية تواصل بين الباحثين عن العمل والمستخدم في آن واحد، بغرض تسهيل عملية البحث عن عمل سواء بالنسبة للأشخاص الذين يمتلكون الخبرة المهنية، أو أولئك الذين يبحثون
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  رديو المدينةرديو المدينة  
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
translate site
العربية
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» وزارة الصحة: مباراة توظيف 30 متصرفا من الدرجة الثانية شعبة التدبير أو التسيير أو الحكامة. آخر أجل هو 16 يناير 2017
الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالخميس 29 ديسمبر 2016 - 2:44 من طرف admin

» وزارة الصحة: مباراة لتوظيف 30 تقني من الدرجة الثالثة تخصص كتابة الإدارة، آخر أجل هو 16 يناير 2017
الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالخميس 29 ديسمبر 2016 - 2:37 من طرف admin

» لائحة المدعوين لإجراء الاختبار الشفوي لمباراة توظيف (بموجب عقد) توظيف بموجب عقود من طرف الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشرق - للتدريس بمختلف أسلاك مؤسسات التربية والتعليم العمومي بجهة الشرق (372 منصب) بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة ا
الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالجمعة 2 ديسمبر 2016 - 12:07 من طرف admin

» (1) AGENT DE DÉVELOPPEMENT SUR BOUARFA (micro Crédit) sur FIGUIG
الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالجمعة 4 نوفمبر 2016 - 18:11 من طرف admin

» (5) Agent De Manoeuvre sur FIGUIG
الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالجمعة 4 نوفمبر 2016 - 17:26 من طرف admin

» نماذج مباريات توظيف المحريين و المساعدين التقنيين و المساعدين الإداريين و التقنيين و المتصرفين بالجماعات المحلية
الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالإثنين 31 أكتوبر 2016 - 14:44 من طرف admin

» عمالة وجدة أنكاد: لائحة المدعوين لإجراء مباراة لتوظيف60 مساعد تقني و15 مساعد إداري و4 محررين و2 تقنيين. المقرر اجرائها بتاريخ 27 نونبر 2016
الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالإثنين 31 أكتوبر 2016 - 4:25 من طرف admin

» الأنابيك سكيلز: توظيف رؤساء فرق ومشرفين وبنائين وحدادين وعمال زليج وخردة وصقالة- بإمارة قطر 430 منصب. آخر أجل هو 7 أكتوبر 2016
الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالثلاثاء 27 سبتمبر 2016 - 8:45 من طرف admin

» الدرك الملكي - إدارة الدفاع الوطني: مباراة من أجل انخراط مرشحين بصفة تلاميذ دركيين متخصصين. الترشيح قبل 20 يوليوز 2016
الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالأربعاء 13 يوليو 2016 - 9:17 من طرف admin

المواضيع الأكثر شعبية
les personnages de " il était une fois un vieux couple heureux
تعريف المحضر و انواعه
Il était une fois un vieux couple heureux. Fiche de lecture
Il était une fois un vieux couple heureux de M. Khair-Eddine Résumé des chapitres
موضوع وبحث عن المـآثـر التاريخية بالمغرب المـآثـر التاريخية بالمغرب مآثـر المغرب التاريخية المـآثـر التاريخية بالمغرب المـآثـر التاريخية المغربية
منهجيات تحليل نصوص اللغة العربية 2 باك اداب + المؤلفات
منهجية تحليل قولة من مؤلف ظاهرة الشعر الحديث.
Resumé antigone chapitre par chapitre
منهجية تحليل قولة فلسفية
نموذج طلـــــــــــــــــــــــب خطي باللغة العربية و الفرنسية
آخر الأخبار
Ad
عداد الزوار
widgets

 

 الشعر العباسي الجزء الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
admin
مدير
مدير
admin


عدد المساهمات : 482
نقاط : 1427
تاريخ التسجيل : 27/01/2011
العمر : 36

الشعر العباسي الجزء الثاني Empty
مُساهمةموضوع: الشعر العباسي الجزء الثاني   الشعر العباسي الجزء الثاني I_icon_minitimeالخميس 3 يناير 2013 - 15:17

يتبع
المحاضرة الخامسة أغراض الشعر العباسي ثانياً- الرثاء
الرثاء لغة واصطلاحاً:
الرثاء لغـة : رَثى فلان فلاناً يَرْثيه رَثْياً ومَرْثية:إذا بكاه بعد موته. ورثيتُ الميْت رَثْيَا ورثاء ومَرْثاة ومَرْثية: مدحته بعد الموت وبكيته ، وعدَّدْتُ محاسنه، ونظمت فيه شعراً .
المعنى الاصطلاحي : صناعة الشعر في المرثي بكاءً وندباً وعزاءً، أو هو فن شعري يعبر عن خلجات النفس الإنسانية.
ألوان أو أقسام الرثاء:
للرثاء ثلاثة ألوان : النــدب والتأبين والعزاء .
الندب : هو النوح أو البكاء على الميت بالعبارات المشجية وبالألفاظ المحزنة التي تصدع القلوب القاسية ، وتذيب العيون الجامدة.
التأبين : الثناء على الشخص حياً أو ميتاً ، ثم اقتصر استخدامه على الموتى فقط.
العزاء : أصل العزاء الصبر ، ثم اقتصر استعماله في الصبر على كارثة الموت، وأن يرضى من فقد عزيزاً بما فاجأه به القدر.
موضوعات الرثاء:
احتدم الرثاء في العصر العباسي ، فلم يمت خليفة ولا وزير ولا قائد مشهور إلا رثاه الشعراء .
و سعر موت الأبناء وذوي الرحم قلوب الشعراء ، فبكوهم بدموع غزار .كما بكوا زوجاتهم ، وبكوا كذلك العلماء والجواري .
وظهرت ضروب جديدة في الرثاء لم تكن معروفة قبل هذا العصر ، من ذلك رثاء المدن والحدائق والأملاك.
ومن موضوعات الرثاء التي استحدثت في العصر العباسي رثاء الحيوانات والطيور.ونحاول الوقوف عند أنواع المراثي .
رثاء الحيوانات:
من موضوعات الرثاء التي استجدت في العصر العباسي رثاء المدلل من الحيوانات المستأنسة. فلم يعد الإنسان هو الكائن الوحيد الذي حزن الشعراء لفقده ، وإنما شاركه في هذا كائنات أخرى كالحيوانات الأليفة والطيـور المستأنسة ، فقد رأينا بعض الشعراء في العصر العباسي يبكون الكلاب، والقطط، والديـوك، وغيرها مـن تلك الحيوانات والطيور التي أحبها الإنسان وألفها، وأستأنس بها، ووجـد فيها السلـو والنفـع معـاً.
وهذا الضرب من الرثاء يكشف عن معنى إنساني حضاري ، حيث تتولد العاطفة التي تربط بين الإنسان وهذا النوع من الحيوان ، والتي تغدو قوية في نفس الإنسان حتى إن فقده للحيوان الأليف لديه يبعث في نفسه الأسى والحزن .
وجاءت الأشعار في هذا الباب تحمل أسمى العواطف الإنسانية الممتزجة بالحزن الذي يبرهن على المعاناة التي يجدها الإنسان بعد رحيل أليفه وأنيسة من الحيوانات والطيور، ولعل هذا الحزن يرجع إلى ما في هذه الحيوانات من فوائد جمة .
ولو تتبعنا بعض النماذج التي رثى فيها الشعراء أليفهم وأنيسهم من الحيوانات لطالعنا الشاعر أبو نواس بأرجوزته في **** الذي لسعته حية في عرقوبه فمات ، ويستهلها بقوله:
يا بؤس ***ي سـيد الكــــلاب
قد كان أغناني عــن العقـاب
وهذا ابن العلاف النهرواني، يتفجع على (هرة) فهي عنده بمكانة الولد، قائلاً:
يا هرُ فارقتنـا ولـم تعــد وكنـت عندي بمنزل الولـد
وقد رثي الشعراء طيورهم لما لها من أهمية ؛ فهي مصدر غذاء وأنس، فأبو الفرج يرثي ديكاً لـه ، قائلاً :
أبكـي إذا أبصرت ربْعَك موحشـاً
بتحنن وتأســـف وشهيــق
فرثاء الحيوانات والطيور يعد من الموضوعات الجديدة التي استحدثت في العصر العباسي وإن كان له رواسب في الشعر الجاهلي إلا أن تشبعه بثقافات العصر العباسي وحضاراته وأخيلته جاء وكأنه فن جديد لا عهد للعرب به.
رثاء المدن:
تتمتع المدينة في العصر العباسي باستيعابها لألوان الثقافة وكل أسباب الحضارة والتمدن ، لذا فقد صارت تمثل كياناً له معنى ووجوداً في نفوس أهلها ، وأن أهلها قد صـاروا تربطهم بها روابط كثيرة ، مادية ومعنوية ، وقد تولد في نفوسهم ـ نتيجة لذلك ـ شعور إنساني نبيل إزاء المدنية ، عبروا عنه في صدق وحرارة عندما رأوا الخراب والدمار يحل بها ، وكأنهم فقدوا بهـا عـزيزاً لديهـم. حتى كان لبعض المدن في نفوس الشعراء منزلة تقارب منزلة الأهل والولد ؛ لذلك حين سقطت دولتها، وتحول المجد عنها بكاها الشعراء كما يبكون أبناءهم ، وناحوا عليها كما ينوحون على أعز عزيز لديهم.
من هنا ظهر في العصر العباسي إطار جديد للرثاء متعلق بالنقلة الحضارية، وهو رثاء المدن، وقد كان جديداً بكل معاني الكلمة، وإن كان لهذا الفن جذور في الشعر الجاهلي - مثلاً عند امرئ القيس - فقد جاء في العصر العباسي متشبعاً بالمعطيات الثقافية والفنية ، فظهر فناً متكاملاً وكأنه فن جديد لا عهد للعرب به، إذ إن علاقة الإنسان بالمدنية من قبل لم تتوطد بالشكل الذي توطدت به في العصر العباسي . هذا من جهة . ومن جهة أخرى لم تشهد المدن الإسلامية قبل هذا العصر من الدمار والتخريب ما شهدته بعض مدن العراق في هذا العصر .
ونماذج رثاء المدن في الشعر العباسي أكثر من أن تحصى ، من ذلك رثاء بغداد؛ حيث كانت أول محنة أصيبت بها مدينة في العراق في العصر العباسي هي المحنة التي أصيبت بها بغداد العاصمة ، حين نشب الصراع بين الأمين والمأمون ، فقد حاصرت جيوش المأمون بغداد وضربت المدينة بالمجانيق ، فاصطلي الأهالي بهذه النيران، وخرجوا من بيوتهم مشتتين بعد تهدمها ، وكثر الخراب والهدم والدمار ، حتى درست محاسن بغداد ؛ وقد صور هذا العتري في قوله:
من ذا أصابـك يا بغـداد بالعيـن ألم تكوني زماناً قـرَّةَ العيـــن ؟!
ألم يكن فيـك قوم كان مسكنهـم وكـان قربهـمُ زَيْنـاً من الزيـن ؟!
يكشف الشاعر في عاطفة صادقة عن حزن عميق لما حل بالمدينة من دمار بعد أن كانت قرة للعين ، ويبكي الشاعر فراق أهلها بعد أن كانوا زينتها وهم يعيشون فيها في رغد من العيش.
وشاعر آخر يستبدل بدل الدمع دماً لشدة حزنـه على بغـداد، قائلاً:
بكيت دماً على بغداد لمَّـــــا فقدتُ غَضَارةَ العيـش الرقيـــق
ومهما يكن من شيء فإن رثاء المدن في العصر العباسي كان يمثل موقفاً جديداً لشاعر العصر، فرضته عليه ظروف الحياة في المدينة وارتباطه الوجداني بها، إلى جانب الأحداث والظروف السياسية الداخلية التي عرفها ذلك العصر.
رثاء الجواري والغلمان:
كثر الرقيق في العصر العباسي كثرة مفرطة بسبب من كانوا يؤسرون في الحروب وبسبـب انتشار تجارته ؛ وقد كانت قصور الخلفاء والأعيان تزخر بالجواري والخدم .
وكان للجواري مكانة كبيرة في نفوس الخلفاء والأمراء ، ينظمون الشعر فيهن إذا أعرضن ، وكم تباكى الخلفاء وأبكوا الحاضرين معهم لموت جارية من جواريهم ، من هنا شاع في العصر العباسي رثاء الجواري .
ويمكن القـول إن هذا النوع من الرثاء يوشك أن يكون مستحدثاً في العصر العباسي ؛ لكثرتـه ولاهتمام الخلفاء به ، فالرشيد أقسم أنه سوف لا يسر بشيء بعد جاريته " هيلانه "، فبفراقها فارق لذة العيش ، يقول:
أقول لما ضمنـوك الثـــــرى وجالـت الحسـرة في صدري
أذهـب فلا والله لا ســــرنى بعــدك شيء أخــر الدهــر
وابن الرومي ماتت مغنيته " بستان " حزن عليها حزناً شديداً وأخذ يعبر عن هذا الحزن في مائة وخمسة وستين بيتاً من الشعـر من ذلك قـوله :
كـوَّر شمـس النهـار فانكـدرت كواكب الليـل كل مُنْكــدر
فكأن القيامة قد قامت بموتها .
فالبكاء على الجارية بكاء على فقد الأنس والنعيم ومباهج الحياة وكذا الحال في بكاء الغلمان
رثاء العلماء والأدباء:
ومما شاع في العصر العباسي - والذي يعد من مستجدات الرثاء - رثاء العلماء والأدباء ، فقد رثي أعرابي العالم الجليل محمد بن جرير الطبري ، فبين أن موته خطب عجز عنه الصبر ، قائلاً:
حـدث منقطـع وخطب جليــل دق عـن مثلـه اصطبـار الصبـور
قام ناعـي العلوم أجمـع لمــــا قـام ناعـــي محمد بن جريـــر
فهـوت أنجـم لها زاهــــرات مؤذنــات رسومهــا بالدثــور
رثاء الخلفاء والوزراء:
وشاع في العصر العباسي رثاء الخلفاء والوزراء والأمراء والقادة
وجاءت تعبيراتهم تفيض بالألم والحسرة لفقدهم.
فهذا المتوكل لمكانته في نفوس الشعراء رثوه رثاءً حاراً ، فهذا قول " محمد بن يزيد الأموي " يخاطب القبر بأن روحه بداخله:
أيهـا القبـر إن فيـك لروحــي نُزعـت من مفاصلي وعظامــي
رثاء الرفقاء والأصدقاء:
ومن ملامح التجديد في مضامين الرثاء، رثاء الرفقاء والأصدقاء؛ لما لهم من مكانة خاصة في النفس، ففقدهم كان مؤلماً.
وقد شاع في العصر العباسي بكاء الرفقاء والأصدقاء، بكاء يفجر الحزن في النفس؛ لما يصور من شقاء الأصدقاء بموت رفاقهم وكيف يصطلون بنار الفـراق المحـرقة، وأخذ الشعراء يعبرون عن حزنهم بأبيات شعرية، فهذا "بشار" يتحسر على صديقه ، قائلاً:
ويلي عليه وويلتي مــن بينــه كان المحب وكنـت حبـاً فانقضى
قد ذقت ألفتـه وذقـت فراقـه فوجدت ذا عسـلاً وذا جمر الغضا
رثاء الأبناء:
ورثاء الأبناء من الأنماط التي يمتلئ بها الرثاء في كل العصور، وهو من أشرف الأشعار وأصدقها.
ويكون التجديد في الشعر الذي يتناول رثاء الأبناء بقدر ما يعكسه العصر على الشاعر من رقة مشاعر وأحاسيس تتأثر بها قصائده ؛ والشاعر العباسي عبر عن حزنه الشديد لفقد ابنه بمظاهر الحزن المختلفة من بكاء شديد أو أرق متواصل ، أو ما وصل إليه حالهم بعد أبنائهم ، أو بكل وسائل التعبير المختلفة .
وأفضل من استخدم الدموع مظهراً من مظاهر الحزن " ابن الرومي " عندما اختطف الموت ابنه (محمد)، فأخذ يبكيه بكاء حاراً ، مخاطباً عينيه أن ترسل الدموع غزيرة ، قائلاً:
بكـاؤكُما يُشْفي وإن كان لا يُجْدي
فَجُـودا فقد أودى نظيـركُمَا عنْـدي
" وبشار بن برد " يعد نفسه غريباً بعد موت ابنه محمد،قائلاً:
كأنــي غريــب بعد موت محمد
وما الموت فينـا بعـده بغريــب
رثاء الآباء:
ويعد رثاء الآباء من أنماط الرثاء التي انتشرت في العصر العباسي ويرجع هذا إلى أن "معظم الشعراء ينشأون يتامى " بسبب ما في هذا العصر من ثورات وحروب وموت وتعذيب ، وهذا النوع من الشعر أقل بكثير من الشعر الذي يرثي الأبناء لاختلاف عاطفة الابن نحو أبيه عن عاطفة الأب نحو ابنه ؛ فحزن الأب على ابنه أشد بكثير من حزن الابن على أبيه .
يقول المعري في وفاة والده:
وبعدك لا يَهْوى الفُؤادُ مســـرَّةً وإْن خان في وصْـل السُّرور فلا يَهْني
رثاء الزوجة:
حظيت الزوجة باحترام الرجل العربي وتقديره ، واستأثرت بحبه على مر العصور ، وجزع على هجرها وظعنها .
فكان للزوجة في العصر العباسي مكانة غالية عند زوجها ، فاحتفي بها حية وحزن حزناً شديداً لفقدها ، واستعان الشعراء على ذلك بمعطيات البيئة العباسية في طريقـة التعبير عن أحزانهم ؛ فهذا شاعر عباسي يتمنى افتداء زوجته بنفسه وإلا فليمت معها، قائلاً :
فيا ليتني للمـوت قدمت قبلهــا وإلا فليت المـوت أذهبنـا معــاً
..........
المحاضرة السادسة أغراض الشعر العباسي الهجاء والفخر والعتاب والزهدمقدمة:
وقفنا في المحاضرات السابقة عند فني المدح والرثاء وعرفنا ما طرأ عليهما من تجديد بسبب ظروف العصر العباسي .
ونحاول في هذا اللقاء الوقوف عند بعض فنون الشعر العباسي وهيSad الهجاء، والفخر، والعتاب والاعتذار، والزهد).
• الهجاء: إذا تركنا المديح والرثاء إلى الهجاء وجدنا معالم التطور فيه أعمق وأوسع منها في المديح الخالص؛ إذ كان يتصل بحياة الشعب والعامة اتصالاً وثيقاً. ولعله أدق من اتصال المديح بحياة العامة.
وإذا كان فن النقائض ضعف في العصر العباسي فإن فن الهجاء لم يضعف بسبب التنافس الشديد بين الشعراء ، وقد عمت فيه روح جديدة .
ويخيل لمن يقرأ شعر الهجاء في العصر العباسي أن أصحابه لم يتركوا مثلبة خلقية أو نفسية في شخص إلا صوروها . ولم يترك الشعراء خليفةً ولا وزيراً ولا قاضياً ولا عالماً ولا مغنياً إلا كالوا له الهجاء كيلاً ، ويمكن تلمس ذلك في أي ديوان شعر من دواوين شعر العصر العباسي.
يقول علي بن بسام في هجاء العباس بن الحسن وزير المستكفي:
وزارة العباس من نحسها ستقلع الدولة من أُسّها
شبهته لما بدا مقبلاً في خلع يخجل من لبسها
جارية رعناء قد قدّرت ثياب مولاها على نفسها
وقد هجاء حماد عجرد الشاعر بشار، قائلاً:
ألا مَن مُبلِّغٌ عني الذي والِدُه بُردُ
إذا ما نُسِب الناسُ فلا قَبِلٌ ولا بَعدُ
وأعَمى يُشبه القِرد إذا ما عَمِيَ القِردُ
ولو تُلقِيه في صَلْدٍ صَفاً لا نْصَدَعَ الصَّلْدُ
هو ال***ُ إذا ما مات لم يُوجَدْ لـه فَقْدُ
ويقال إن بشاراً حين سمع هذه الأبيات بكى من شدة إيلامها لنفسه.
ويكثر في هجاء بشار وغيره هتك الأعراض، وربما كان لشيوع الفحش والمجون أثر في ذلك.
وتشيع في كثير من قطع الهجاء روح السخرية المريرة ، وقد تشيع روح الفكاهة المضحكة.
فيمكن القول إن الهجاء العباسي أصبح الصحيفة التربوية المقابلة للمديح ، فالمدح يرسم المثالية الخلقية لهذه التربية ، والهجاء يرسم المساوئ الفردية والاجتماعية التي ينبغي أن يتخلص منها المجتمع العباسي .
الفخر: ظلت للفخر حيويته القديمة وإن ضعف صوت الفخر القبلي ، وإن كنا نجده من حين لآخر عند بعض الشعراء العباسيين ، كما هو عند أبي نواس الذي كان يتعصب لمواليه من بني سعد العشيرة القحطانية ، ونظم في ذلك أشعاراً كثيرة .
وكما هو عند البحتري الذي يفتخر بقبيلته ” طي ” ، وكذلك علي بن الجهم الذي افتخر بأهله القرشيين ، قائلاً:
أُولئكَ آلُ اللـهِ فِهْرُ بنُ مالكٍ بهم يُجْبَرُ العظمُ الكسيرُ ويُكْسَرُ
هُمُ الْمَنْكِبُ العالي عَلى كُلِّ مَنْكِبٍ سيوفُهُم تُفْني وتُغْني وتُفْقِرُ
وارتفع الفخر السياسي ، ونجد ذلك واضحاً عند ابن المعتز الذي يفتخر بأحقية بني العباس بالخلافة ، يقول مقدماً بعض شيمه:
لا أشرَبُ الماءَ إلاّ وهوَ مُنجَرِدٌ من القَذَى ولغَيري الشَّوبُ والرَّنِق
عَزمي حُسامٌ، وقَلبي لا يُخالِفُهُ، إذا تَخاصَمَ عَزْمُ المَرءِ والفَرَق
فهو يشرب الماء صفواً وغيره يشربه كدراً وشوباً وطيناً ، وهو قوي لا يخاف.
الشوب: الماء المخلوط - الرنق: الكدر.
الفرق: الخوف.
وما يلاحظ على الفخر العباسي أن كثيراً من الشعراء صدروا في فخرهم عن شعور طاغ بالمروءة والكرامة والشيم الرفيعة ، كما في قول الشاعر العباسي:
وَمَن يَفتَقِر مِنّا يَعِش بِحُسامِهِ وَمَن يَفتَقِر مِن سائِرِ الناسِ يَسأَلِ
وَإِنّا لَنَلـهو بِالسُيوفِ كَما لَهَت فَتاةٌ بِعِقدٍ أَو سِخابِ قَرَنفُلِ
سخاب قرنفل: قلادة من الطيب.
العتاب والاعتذار: وأكثر الشعراء في العصر العباسي من العتاب والاعتذار ، سواء بين المتحابين أو بين الأصدقاء ، وقد تفننوا في ذلك على صور شتى تسعفهم ملكاتهم العقلية الخصبة بمعان وخواطر لم تفد على سابقيهم ، أو لعلها وفدت ولكنهم أبرزوها إبرازاً جديداً ، تسعفهم في ذلك مشاعرهم المرهفة وأذواقهم المتحضرة الرقيقة ومهارتهم في الإتيان بالمعاني التي تروق العقول والقلوب.
وربما كان من أجمل ما صاغوه في العتاب قول سعيد بن حميد:
أقللْ عتابك فالبقاءُ قليل والدهر يَعدِلُ تارةً ويميلُ
لم أبْكِ من زمن ذَمَمتُ صُروفه إلا بكَيتُ عليه حين يَزُولُ
ولكُلّ نائبةٍ ألمت مُدةٌ ولكل حالٍ أقبَلت تَخويلُ
ومن أشهر شعراء الاعتذار في العصر العباسي وأكثرهم تفنناً في فيه البحتري ، وقد أجمع القدماء على الإعجاب باعتذاراته للفتح بن خاقان وزير المتوكل ومن طريف ما قاله فيها :
أُقِرُّ بِما لَمْ أجْنِهِ مُتَنَصِّلاً إلَيْكَ، على أنّي إخالُكَ ألْوَمَا
ليَ الذّنْبُ مَعْرُوفاً، وإن كنتُ جاهلاً بهِ، وَلَكَ العُتْبَى عَلَيّ وأنْعِمَا
وَمِثْلُكَ إنْ أبْدَى الفَعَالَ أعادَهُ، وإنْ صَنَعَ المَعرُوفَ زَادَ وَتَمّمَا
الزهد: كان الزهد من الموضوعات التي تتصل بحياة العامة ، وقد نشأ عنه التصوف.
وكانت الحانات في العصر العباسي تكتظ بالفقهاء والمحدِّثين والعبَّاد والنسَّاك والوعاظ وكانوا يدعون إلى الزهد وترك المتاع الفاني والإقبال على ما عند الله من المتاع الباقي ، مكررين الحديث عن الموت والتقوى والعمل الصالح . وبلغ من انتشار شعر الزهد حينئذ أن اشترك فيه كثير من الشعراء الذين تطفح دواوينهم بالحديث عن الخمر والمجون من أمثال: أبي نواس ، وابن الرومي ، وابن المعتز .
يقول أبو نواس:
أيا رُبَّ وَجهٍ، في التّرابِ، عَتيقِ، ويا رُبَّ حُسْنٍ، في التّرابِ، رَقيقِ
أرى كل حيٍّ هالِكاً وابنَ هالِكٍ، وذا نَسَبٍ في الـهالكينَ عَريقِ
فقُلْ لقرِيبِ الدّارِ: إنّكَ ظاعِنٌ إلى مَنْزِلٍ نائي الْمَحَلِّ سَحيقِ
إذا امتَحَنَ الدُّنيا لَبيبٌ تكَشَّفَتْ لـهُ عَنْ عَدوٍّ في ثِيابِ صَديقِ
ويقول علي بن الجهم زاهداً:
وعاقِبَةُ الصَّبْرِ الْجَمِيلِ جَمِيلَةٌ وأَفْضَلُ أَخْلاقِ الرِّجالِ التَّفَضُّلُ
وما المالُ إلاَّ حَسْرَةٌ إنْ تركتَهُ وغُنْمٌ إذا قَدَّمْتَهُ مُتَعَجَّلُ
ولِلْخَيْرِ أَهْلٌ يَسْعَدُونَ بِفِعْلِه ولِلنَّاسِ أَحْوالٌ بهم تَتَنَقَّلُ
وللـهِ فِينا عِلْمُ غَيْبٍ وإنَّما يُوَفِّقُ مِنَّا مَنْ يَشاءُ ويَخْذُلُ
............
المحاضرة السابعة أغراض الشعر العباسي
الغزل- الشعر التعليميانتهينا في المحاضرات السابقة من عرض لمجموعة من أغراض الشعر العباسي ، ومنها: المدح – الرثاء- الهجاء – الفخر – والاعتذار والعتاب. ونحاول في هذه المحاضرة أن ننهي جانب الحديث عن أغراض الشعر العباسي ، وذلك بالحديث عن غرضين من أغراض هذا الشعر ، وهما : الغزل ، والشعر التعليمي.
• مفهوم الغزل:
الغزل في لغة العرب يعني الظهور والارتفاع إلى نشاط الحركة المميزة، ومنه سميت الغزالة بهذا الاسم ، ذلك الحيوان البري لرشاقة حركته وسحره الظاهر، وسميت الشمس بالغزالة لارتفاعها والحرارة المتوهجة منها.
أما في الاصطلاح فهو يعني التودد إلى النساء ، وحب الحديث إليهن. وقالوا الغزل:التصابي.
عامل الغزل : الحب ومن طبع الإنسان أن يستلطف كل جميل ويميل إليه.
أنواع الغزل: (الغزل العذري)
الغزل العذري: هو الذي يخرج عن عاطفة صادقة وعماد هذا اللون الصدق في العاطفة والعفة في القول فلا يتناول الشاعر ما يناقض العفة وإنما يعتمد على المعاني الروحية والنوازع القلبية.
نشأ هذا النوع من الغزل في بادية العصر الأموي.
الغزل الصريح:
ازدهر هذا الغزل وترعرع في البيئة الحضارية في العصر الأموي ويطلق عليه الغزل الحسي حيث له طابع حسي في التعبير عن عواطف الحب .
الغزل العباسي:
ولعل الشاعر العباسي لم يُعن بموضوع قديم كما عني بالغزل ، وكانوا ينظمونه تعبيراً عن عاطفة الحب الإنسانية الخالدة ، وتلبية لحاجات الناس الوجدانية حاجات المغنين والمغنيات من المقطوعات والأشعار التي توقّع الآلات والمعارف الموسيقية ، ولذلك تطلبها دائماً دور القيان والطرب.
وكاد أن يكون لكل شاعر طائفة من الجواري يحففن به ، وكان منهن كثيرات يحسن نظم الشعر؛ لذلك كان طبيعياً أن يشيع الغزل الماجن في هذا العصر.
وقد مضى الغزل يجري في نفس التيارين الذين اندفع فيهما عصر بني أمية ، ونقصد تيار الغزل الصريح والغزل العفيف.
وكان تيار الغزل الصريح أكثر انتشاراً بسبب كثرة الجواري والقيان ، وخرج هذا النوع من الغزل عن كل حشمة ووقار، فأصبح يختلف عما كان عليه عند عمر بن أبي ربيعة في العصر الأموي. واستحدثت من الغزل ضروباً جديدة كالتغزل بالغلمان ، كما هو عند بشار ، وأبي نواس.
أما الغزل العذري ( العفيف) فقد أخذ يضيق ضيقاً شديداً في العصر العباسي بالقياس إلى عصر بني أمية الذي أخذ ينتشر فيه هذا النوع من الغزل انتشاراً واسعاً.
وإن كنا نجده عند الشاعر العباسي العباس بن الأحنف، من ذلك قوله:
واللـهِ لَوْ أنّ القُلوبِ كَقَلْبِها ما رَقّ للوَلدِ الصّغيرِ الوَالدُ
كتَبتْ بأن لا تأتِني فَهَجَرْتُها لتَذوق طَعمَ الـهَجْرِ ثمّ أُعاوِدُ
ويقول العباس أيضاً:
أزَينَ نِساءِ العالَمينَ أجيبي دُعاءَ مَشوقٍ بالعِراقِ غرِيبِ
كتَبتُ كِتابي ما أقُيمُ حروفَه لشِدّة إعوالي وطُول نَحيبي
أخُطُّ وأمحو ما خَطَطتُ بِعَبْرةٍ تَسُحُّ على القِرطاس سَحَّ غُروبِ
أيا فوزُ لو أبصرتني ما عَرَفتِني لطولِ شُجوني بعدَكُم وشحوبي
وأنتِ من الدُّنيا نصيبي فإن أمُت فليتكِ من حُورِ الجِنانِ نصيبي
أرى البَيْنَ يشكوهُ المُحبُّون كلُّهمْ فيا رَب قرِّبْ دارَ كلِّ حَبيبِ
من خصائص الغزل العباسي:
1- تداوله أفذاذ الشعراء العباسيين.
2- صيغ بعقلية خصبة حديثة.
3- احتوى على قدر من التوليد في المعاني القديمة.
4- اعتمد على الأخيلة الجديدة.
5- اتسع لكل الصور القديمة من نسيب ووصف الأطلال والديار الدارسة، إضافة إلى الصور الجديدة.
6- يحتوي على الفكر الدقيق والإحساس المرهف المناسب لحضارة العصر.
الشعر التعليمي: الشعر التعليمي فن استحدثه العباسيون ولم تكن له أي أصول قديمة .
وقد دفع إليه رقي الحياة العقلية في العصر العباسي ؛ فإذا نفر من الشعراء ينظمون بعض القصص أو بعض المعارف أو بعض السير والأخبار .
ومن أوائل ما يلقانا من ذلك، تحدث صفوان الأنصاري في أشعاره عن فضل الأرض وما تحمل من كنوز ومعادن كريمة.
وقد عمل أبان بن عبد الحميد على إشاعة هذا الفن الشعري الجديد، فقد نظم فيه تاريخاً وفقهاً وقصصاً كثيرة.
وأهم من ذلك كله أنه نظم في القصص كتاب كليلة ودمنة في أربعة عشر ألف بيت، يستهلها بقوله:
هذا كتاب أدب ومحنة وهو الذي يدعى كليلة ودمنة
وابن المعتز يعنى بنظم سيرة المعتضد الخليفة العباسي ، وعلي بن الجهم ينظم قصيدة مزدوجة في التاريخ تقع في أكثر من ثلاثمائة بيت ، منها قوله:
يا سائِلِي عَنِ ابْتِداءِ الخَلْقِ مَسْأَلَةَ الْقاصِدِ قَصْدَ الْحَقِّ
أَخْبَرَنِي قُوْمٌ مِنَ الثِّقاتِ أُولُو عُلُومٍ وَأُولُو هَيْئاتِ
كما لابن دريد قصائد تعليمية في مجال اللغة.
.....
المحاضرة الثامنة
من أعلام الشعر العباسي بشار بن برد
مقدمة: بعد أن انتهينا من الحديث عن الحياة السياسية ، والحياة الاجتماعية ، والحياة الثقافية والعقلية.
وانتهينا كذلك من الحديث عن أغراض الشعر العباسي من مدح ورثاء وفخر وهجاء وعتاب وغزل وشعر تعليمي.
كان لابد من الوقوف على بعض أعلام الشعراء العباسيين ، نتناول مجموعة من هؤلاء الشعراء ، ونبدأ مع شاعرنا ” بشار بن برد“.
• بشار بن برد( مولده ونشأته):
بشار بن برد: ولد بشار بن برد بن يرجوخ في البصرة سنة95هـ وقيل سنة96هـ ، وفيها نشأ.
فارسي الأب ، رومي الأم ، أخذ يتلون في انتسابه ، مرة ينتسب إلى قيس غيلان ، ومرة ينتسب إلى بني عامر.
كان أبوه طياناً يعيش من ضرب اللبن ، وله أخوان: بشر وبشير كانا قصابين، وكان أحدهما أعرج والآخر أبتر.
ولد بشار أعمى، فلم ينظر إلى الدنيا قط، وعبَّر عن عماه مبكراً قائلاً:
عمِيتُ جَنِينا والذكاءُ من العَمَى فجئتُ عجيبَ الظن للعِلم مَعْقِلا
يعد بشار أشهر الشعراء المخضرمين للدولتين الأموية والعباسية ، ورأس الشعراء المحدثين وأحد البلغاء المكفوفين وإمام الشعراء المولدين.
لقد حددت آفة بشار حياته منذ نعومة أظفاره ، فاتجه إلى المساجد وإلى مربد البصرة ينهل من حلقات العلم والشعر ، وأعانته نشأته في بني عُقيل على أن يتمثل السليقة العربية .
ولم يكد يبلغ العاشرة حتى أخذ ينبوع الشعر يسيل على لسانه.
وكان الهجاء حينئذ يضطرم في موطنه اضطراماً لا بين جرير والفرزدق فقط ، بل بين جميع الشعراء ، فكان من الطبيعي أن الهجاء أول الموضوعات التي نظم فيها بشار شعره.
كما اشتد بـ ”بشار“ طموحه إلى إتقان اللغة العربية ، فاتجه نحو البادية ، فقام فيها فترة مكنت له من عربية لسانه وفقهه الدقيق في اللغة وشؤون البادية ، وعاد إلى البصرة يُكثر من الاختلاف إلى حلقات المتكلمين ومجالسهم .
وجعل بشار يتابع بنهم كتب الأدب القديمة ، حتى اشتهر بشعره ، وعد من مشاهير شعراء عصره ، وكان في مقدمة الذين نبغوا في أوائل العصر العباسي الأول ، وهو مقدم عليهم بإجماع الرواة ورئيسهم بلا خلاف .
ذكر“ الجاحظ ”: ” المطبعون من الشعراء : بشار،والسيد الحميري ، وأبو العتاهية، وابن عيينة، ولكن بشار أطبعهم“.
ويقال أيضاً: ”إن أكثر الناس شعراً في الجاهلية والإسلام ثلاثة: بشار وأبو العتاهية والسيد الحميري“.
العوامل المؤثرة في حياته وشاعريته:
1- أصله الفارسي:
فقد كان فارسي الأصل ، فورث عن الفرس حدة المزاج ، والتعصب لأصله.
2- عماه:
فكان يحس بالمرارة من عماه والحقد على المبصرين.
3- فقره وأسرته:
لقد ضاعف في نفسه وزاد من حقده فقر أسرته وتخلفها في المجتمع.
4- تربيته في بني عقيل وذهابه إلى البادية ؛ مما جعله يتقن العربية ويتمثل سليقتها بكل مقوماتها.
5- تردده على حلقات المتكلمين بالمساجد يستمع إلى محاورات لأصحاب الملل والنحل والأهواء المختلفة.
6- اطلاعه على ما نقله ابن المقفع إلى العربية من الآداب الفارسية وغير الفارسية ، ومن الآراء المختلفة ، وكان ذلك كله سبباً في أن يحدث تشويشاً في فكره وأن تمتلئ نفسه بالشك والحيرة ، فتحول شعوبياً يبغض العرب والعروبة.
7- بيئته:
كانت بيئة بشار تكتظ بالجواري والقيان ، فاختلط بهن وتغزل فيهن، وساعده على ذلك فقد بصره ؛ حيث مال إلى التجسيد والتشخيص.
هذه العوامل وغيرها أثرت في طبيعة بشار وفي شعره؛ فجاءت طبيعته شديدة التعقيد ، وجاء شعره لاذع الهجاء، حسي الغزل.
شاعريته :
لـ ”بشار“ شاعرية خصبة أصيلة أتيح لها أن تتجاوب مع روح العصر وتعبر عن خوالج النفس ، فالغزل والهجاء والمدح والوصف والرثاء والحكمة كلها فنون كان فيها بشار قوي الحس ، مرهف الشعور ، سريع الانفعال.
ولـ“ بشار“ قدرة فائقة على التوفيق بين اللفظ والمعنى وبين الصورة والموضوع ، فهو شاعر مطبوع ولم يكن متكلفاً .
وهذا الشاعر الأعمى وهبه الله طبعاً قاسياً وذكاءً حاداً، فقد قال في شعره : ” لي اثنا عشر ألف بيت عين ” .
أغراضه الشعرية ( الغزل والنسيب).
باب الغزل عند بشار من الأبواب الشعرية التي احتلت جانباً مهماً في ديوانه ؛ فهو يصف مجالس حبه ، ويتحدث عن حبيباته إلى غير ذلك.
يقول عنه الجاحظ:“ إنه هو والأعشى وهما أعميان قد اهتديا من حقائق هذا الأمر ما لا يبلغه البصير ولـ ”بشار“ خاصة في هذا الباب ما ليس لأحد“.
وقال الأصفهاني: ” عهدي بالبصرة وليس فيها غزل ولا غزلة إلا ويروى من شعر بشار ”.
ويتضح في غزل بشار أنه يتمثل لكل ما نظم في هذا الفن قديماً من التشبيب والنسيب وبكاء الديار ، ومن الغزل المادي عند عمر بن أبي ربيعة وأقرانه ، ومن الغزل العذري عند جميل وأمثاله . وقد مضى في كل ذلك يستلهم الرقي العقلي الحديث والحضارة العباسية.
ومن شعره في محبوبته ” عبده ”:
أَبِيتُ أَرمَدَ مَا لمْ أَكْتحِلْ بِكُمُ وَفِي اكْتِحالٍ بِكُمْ شافٍ مْن الرَّمَدِ
وَكُلُّ حِبٍّ سَيَسْتشْفِي بِحِبَّتِهِ سَاقتْ إلى الغيِّ أَوْ سَاقتْ إِلى الرَّشدِ
وكثيراً ما كان يردد في أشعاره أن السمع يحل محل العين في تقدير الجمال، قائلاً:
يا قوْمِ أذْنِي لِبعْضِ الحيِّ عاشِقةٌ
والأُذن تَعْشَقُ قبْل العَيْن أحْيانَا
قالوا بِمَن لا تَرى تَهْذِي فقُلْتُ لَهُمْ
الأُذنُ كالعَيْن تُؤْتِي القَلْبَ ما كَانَا
فقد أثبت بشار براعته في صياغة الشعر الغزلي الرفيع وأجاد فيه.
المديح:
يعد المديح أهم غرض وصلَّ بشاراً بالتراث، فقد حافظ فيه على نهج القدماء ، سواء من حيث جزالة الألفاظ ورصانتها ومتانتها، أو من حيث المنهج الذي سار عليه القدماء حيث كانوا يبداؤن قصائد المديح بالغزل والنسيب ثم الوصف ثم المدح ثم الحكمة، وكل ذلك احتذاه بشار في كثير من مدائحه ، بل احتذى نفس المعاني والأخيلة.
وأخذ يخلع على ممدوحيه من الخلفاء والولاة نفس الشيم الرفيعة التي طالما خلعها الجاهليون والإسلاميون من الكرم والمروءة والشجاعة ، ... والصفات الدينية التي خلعها الإسلاميون
على ممدوحيهم من الخلفاء والوزراء. يمدح أحد الوزراء، قائلاً:
إِذَا جِئتَهُ للْحَمْدِ أشْرَقَ وَجْهُهُ إِلَيْكَ وأعْطَاكَ الكرَامةَ بالحَمد
ويلاحظ أنه يُدخل في خيوط قصيدته خيوطاً جديدة ويمكن تبين ذلك في استلهامه كلام ابن المقفع في الأدب الكبير،من ذلك قوله:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
الرثاء:
عرفنا أن بشاراً كان منغمساً في اللهو ، ولم تكن نفسه مفطورة على الأسى والحزن ، لذا لم نجد له مراثي كثيرة ، ومع ذلك رثي ابنه محمداً في قصيدة تصور لنا عاطفة الأب المفجوع، قائلاً:
أُصيبَ بُنَيَّ حينَ أورقَ غصنُهُ وألقى عليَّ الـهمَّ كلُّ قريبِ
الهجاء والفخر:
توجد عدة عوامل جعلت بشاراً يسرف في الهجاء والفخر، منها:
1- كان يريد أن يشتهر كما اشتهر جرير والفرزدق في هذين الفنين.
2- فقد بصره ولَّد عنده مرارة وحقداً
3- كان مولى والموالي كان يُنظر إليهم نظرة احتقار، فولَّد ذلك عنده كره للمجتمع.
4- فقره وبؤسه وبؤس عائلته، جعله ناقماً على من حوله.
أما فخره فكان يفتخر بأنه قيسي حيث كان والي العراق يزيد بن عمر بن هبيرة كان يتعصب لأصوله من قيس ، وكان بشار يعيش في كنفه ، هذا في العصر الأموي.
أما في العصر العباسي لما كثر العنصر الفارسي وحقق انتصارات عديدة تحول بشار شعوبياً متعصباً لأصله الفارسي، يقول:
إِذَا ما غَضِبْنَا غَضْبَةً مُضَرِيّةً هَتَكْنَا حِجَابَ الشَّمْسِ أوْ تُمطِر الدِّمَا
إِذَا ما أَعَرْنا سَيِّداً من قَبِيلَةٍ ذُرَى مِنْبَرٍ صَلَّى علَينا وسَلَّما
مما سبق يتبين أن بشاراً تمسك بالتراث وواءم بينه وبين عصره.
.......
ا

منقول للفائدة فقط
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wadifa-orient.yoo7.com
 
الشعر العباسي الجزء الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشعر العباسي الجزء الاول
» الشعر العباسي الجزء الثالث
» منهجية تحليل قولة من مؤلف ظاهرة الشعر الحديث.
» قراءة في كتاب '' ظاهرة الشعر الحديث'' للدكتور أحمد المعداوي
» معهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة: مباراة لتوظيف ثلاث أساتذة مساعدين.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
wadifa-orient :: منتدى دروس الثانوي التأهيلي :: البحوث المدرسية-
انتقل الى: