تبعا لما أتت به المذكرة الوزارية،وقدمه لنا أستاذ مادة الفلسفة،فالسؤال الفلسفي يحمل إشكالية محورية يمكن توزيعها إلى عدة تساؤلات فرعية، مثلما يحمل إمكانية جوابين مختلفين على الأقل. يستعمل أحدهما في التحليل، والآخر للمناقشة.
1 ـ المقدمة:وتسمى مرحلة الفهم:نقوم بتأطيرالسؤال ضمن الإشكال الأساسي له، كما هو معمول في النص.ثم نعمل على إعادة طرح السؤال نفسه كإشكال رئيسي، ثم نظيف له إشكالات أخرى منبثقة من صميم الإشكال الرئيسي المطروح
2 ـ العرض:و يشتمل على لحظتين:
* لحظة التحليل:هنا ننتبه الى صياغة السؤال جيدا،السؤال الذي نفترض أنه مباشر بمعنى أنه يحيل إلى موقف معين: مثال كيف يكون الواجب إلزاما؟
هنا أنا مطالب وملزم بالإجابة عن السؤال بمعنى أنه في مرحلة التحليل أنا مطالب بالإثيان بالموقف أو الأطروحة الذي من خلاله أبين أن الواجب إلزام(دوركايم/هيوم) .وتدعيم هذا الموقف بحجاج.
السؤال غير المباشر:الذي نفترض أنه لا يشير إلى أي موقف:مثال هل الواجب إلزام؟هنا أنا مخير بين البداية بالموقف أو الأطروحة التي تؤيد مضمون السؤال، أو التي تناقضه بمعنى أنا مثلا أبدأ بالموقف الذي يقول بأن الواجب إلزام(دوركايم/هيوم)،أو أن أبدأ بالموقف الذي الذي يقول الواجب إلتزام( كانط). خلاصة للتحليل كما في النص كذلك+الإشكال الذي يشك في قيمة الأطروحة أو الأطروحات السابقة في التحليل.
لحظة المناقشة:
المناقشة هنا مرتبطة دائما بالتحليل بمعنى أنني دائما آتي بالموقف المعارض أو المحاور للأطروحة المعروضة في التحليل بمعنى إذا أنا تعرضت للموقف الذي يقول الواجب إلزام( هيوم/ دوركايم).ففي المناقشة أتعرض إلى الموقف الذي يقول الواجب التزام( كانط).
3 ـ الخاتمة أو التركيب:فيه أحاول أن أتوقف عند نقط الإتفاق الحاصلة بين الأطروحة المعروضة في التحليل و الموقف المعارض.
الان النمودج التطبيقي بسم الله الرحمن الرحيم:
السؤال : هل يمكن للشخص أن يعي ذاته في غياب الغير ؟
مقدمة:
يتأطر السؤال المطروح ضمن إطار عام يتعلق بمجال الوضع البشري الذي يتميز بتعـدد أبعـاده سـواء تلـك التـي ترتبـط بالإنسان كشخص أو التي تهم علاقته بالغيـر أو بالزمن. ويندرج السؤال بشكل خاص ضمن الشخص كمفهوم مركزي في علاقته بمفهوم الغير، ويتناول تحديدا قضية وعي الشخص بذاته ودور الغير في ذلك، و تطرح مثل هذه القضية مجموعة من المفارقات تتجلى أساسا في كون الغير يبدو ضروريا للذات لكنه في نفس الوقت قد يبدو مهددا لها ، الأمر الذي يـؤدي بنا إلـى الأسئلــــــة الإشكالية التالية : كيف يتحدد و عي الشخص بذاته؟ هل يعتبر وجود الغير ضروريا للوعي بالـذات أم أنه مجرد وجود جائز يمكن الإستغناء عنه ؟، بعبارة أخــــرى ، هل يعي الشخص ذاته بشكل مستقل و في غيـاب الغـير أم أن هذا الوعي لا يمكــن أن يتحقق إلا في ظل علاقة معه ؟ و ما طبيعة هذه العلاقة؟.
عرض :
من خلال القراءة المتفحصة لشكل السؤال و بنيته ، يتبين لنا أنه يفترض ضمنيا ( يحيل إلى...أو يقود إلى...) أطروحتيـــن على الأقل ، تتمثل الأولى في أنه " يمكن للشخص أن يعي ذاته في غياب الغير" و تتجلى الثانية في استحالة أو تعذر هذا الوعي بدون حضور الغير.(يمكن أن نحصل علــــى هاتــين الأطـروحتـين باتبـاع الطريقـة التالـية : في البـداية نحـذف أداة الاستفهام و علامته فنحصل على فكرة بمثابة اطروحة أولى ثم نقوم بنفي هذه الفكرة و نبحث عن نقيضها ) .
و قبل تحليل و مناقشة كل أطروحة على حدة ، يجدر بنا أولا ، و من أجل فهم أوسع للســـؤال ، الوقوف عــند شرح أهــم الألفاظ والمفاهيم الواردة فيه.يبدأ السؤال ب"هل" و هي أداة استفهام تحتمل الإجابة بنعم ( قبول الأطروحة) أو بلا (رفض الأطروحة و تبني نقيضها) أما مفهوم الشخص فيدل على ....بينما يشير الغير إلى ...في حين أن الوعــــي يعني....
بالعودة إلى الأطروحة الأولى التي يقود إليها السؤال قيد المعالجة (يمكن للشخص أن يعي ذاته في غياب الغـير) ، فإنــنا نفـهم منها أن وعي الذات مستقل بشكل تام عن وجود الغير أي أن الشخص لكي يحقق وعيه بذاته لا يحتاج إلى حضـــور ذوات أخــــرى تشكل معه هذا الوعي ، بمعنى أن هذا الوعي يمكن أن يتحقق حتى في غياب الغير الذي يكون وجـوده فـي هـــــذه الحالة غيــــر ضروري...........و هذا ما يتوافق مع موقف "ديكارت" ( مجرد مثال يمكن استبداله بأي فيلسوف آخر لـــه نفس الموقـــف) الذي ذهب في نفس الاتجاه حيث أكد على ......................................
من المعروف أن التفكير الفلسفي يتميز بخاصية أساسية و هي التنوع و الاختلاف بين مواقف الفلاسفــة و أطروحاتــهم بصدد الإشكالية الواحدة و ذلك تبعا لتنوع مرجعياتهم الفلسفية و المراحل التاريخية التي عاشوا فيها . لذلك ، و لتسليــط المزيد من الضوء على الموضوع الذي نحن بصدده ، لابد من استحضار مواقف أخرى بخصوص هذا الموضوع . ففــــي مقابل الموقف الذي قمنا باستحضاره سابقا ثمة من يؤكد على ضرورة وجود الغير لوعـي الشخـــــص بذاتــه.أي أن ... و بالتالي فإن .... في هذا السياق يؤكد " هيجل" ( مثلا) على أن ........................................
يتبين إذن أن العلاقة مع الغير تمثل ، حسب هذا الموقف ، بعدا أساسيا من أبعاد وعي الذات و هويتـــها . غـــير أن هــــذه العلاقة لا تتخذ شكلا واحدا بل تتأرجح بين ما هو سلبي حينما يطغى الصراع و العنف و الغرابة و العنصـــريــــة و ما هــــو إيجابي عندما يسود الوئام و السلم و الصداقة و التسامح ....
و إغناء لهذا الموضوع ، يمكن أن نستحضر الصداقة كنموذج إيجابي للعلاقة مع الغير الذي يساهم من موقعه كصديق في وعي الشخص بذاته ، في هذا الإطار .....
خاتمة :
كتخريج عام ( أو كتركيب عام أو كخلاصة عامة أو اجمالا....) ، و بنـاء علـىمعطيات التحلـيل والمناقشـة يتبيـن لنـا أن القضية التي يثيرها السؤال المطــــروح ، و كغيرها من القضايا الفلسفية ، قد أدت إلـى مواقـف مختلفــة تصـل أحيانا إلـى درجة التناقض ، بحيث أنه بينما يؤكد أحدها على إمكانية استقلال الوعي بالذات عن الغير ( ديكارت مثلا) يشدد الأخر على ضرورة هذا الأخير لكل وعي بالذات( هيجل مثلا). و كرأي شخصي متواضع يمكن القول أن ....
منقول للفائدة المصدر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]